بسم الله الرحمن الرحيم
بيان وتقديم وتعريف بالأستاذ / محمد محمد أبو علو
رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بدمنهور
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه واهتدى بهديه وسار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد، فيسرني أن أقدم لقراء التفسير القرآني وأصحاب دعوة الحق والتوحيد الإلهي عالما من نوعي جديد يحاول فهم كتاب الله تعالى بعيدا عن التعصب والتقليد في ضوء اللغة العربية الفصيحة ، والأحاديث النبوية الصحيحة ، والحقائق الدينية والعلمية الصريحة، ذلكم هو الأستاذ/ محمد محمد أبو علو ، رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بدمنهور وخطيبها المفوه ومحاضرها الفذ، وكاتبها اللامع وفقيهها البارع ، وحامل رايتها جهادا في سبيل الحق ، ودعوة التوحيد في محافظة البحيرة وقراها نحو نصف قرن من الزمان.
كان في هذه الفترة ، ولا يزال ، سيال القلم رتيب الفكر ، ناصع البيان قوي الحجة والبرهان في محاربة أباطيل الشرك ، وخرافاته والذود عن الإسلام ومقدساته.
ينازل زعماء الشرك، وسدنة الباطل وخصوم الإسلام في كل مكان ، ويحاربهم بكافة الأسلحة ويرمي باطل شركهم وضلالهم بقذائف الحق فإذا هو زاهق. يجوب كل فج دفاعا عن الحق ويسلك ، ذودا عن الإسلام ، تارة يؤلف الكتب والنشرات لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، وطورا يتخذ المراسلة سبيلا لإقناع الخصم وإفحامه ، وأحيانا يعقد معهم الندوات ويثير الحوار والمناقشات ويجادل بالحق ليدحض به الباطل ويقف من وراء شباب الإسلام وأشبال التوحيد في البلاد الأوربية والأمريكية وغيرها راعيا لهم ومجيبا عن استفساراتهم ومزيلا لشبهاتهم ومدعما للإيمان في قلوبهم وداعيا لهم إلى المحافظة على الإسلام وتعاليمه السمحة مهما تحملوا في سبيل ذلك من مجاهدة للإلحاد وتياراتهم الجارفة العاتية.
تعليمه وثقافته:
كانت ظروف تعليمه شاقة للغاية لأسباب أسرية لا يد له فيها ولكن الله كان معه فوفقه لإتمام حفظ القرآن الكريم وإجادة القراءة والكتابة وقواعد الحساب ومبادئ العلوم في أحد المكاتب المجاورة له في حوالي العاشرة من عمره ثم التحق بعده بالسنة الرابعة والأخيرة من إحدى المدارس الأولية ذات الشأن في ذلك الوقت وذلك ليعد نفسه للالتحاق بعدها بمدرسة المعلمين الأولية أو أحد المعاهد الدينية الأزهرية.
ولكنه لأمر خارج عن إرادته لم يتمكن من الالتحاق بأي منها رغم ذكائه وتفوقه في دراسته تفوقا ملحوظا جعله الأول في الترتيب على لداته وأقرانه.
وما إن بلغ السادسة عشرة من عمره وذلك في عام 1930 ميلادية حتى وجد نفسه مع أبيه يعمل في تجارته المتواضعه حتى سن الثانية والعشرين من عمره حيث تقاعد أبوه عن العمل لكبر سنه وضعفه ووجد نفسه المسئول وحده عن عول نفسه وأسرته المكونة من والديه وزوج أبيه وإخوته الصغار منه وإعداد نفسه مع ذلك كله للزواج.
ولكنه برغم تلك الأعباء الثقيلة ، وما أشقها على مثله في عهده، لم ينس أن يشبع رغبته ونهمه الفطري في تثقيف نفسه بنفسه وتعويضها عما حرمته من مواصلة الدراسة التقليدية المنتظمة المتوسطة فالعالية، فعكف في أوقات فراغه كلها على القراءة الحرة كهواية محببة إليه وإن كان الغالب عليه فيها هو الاتجاه الأدبي أكثر من غيره.
وفي عام 1936 م وهو العام الذي تم له الزواج فيه بطريق الصدفة ومن ورائها قدر الله الحق بعالم سني نجدي هو فضيلة الشيخ عبد العزيز بن راشد وقام حوار بينهما حول الدين والأدب كان من نتيجته أن حول اتجاهه نحو دراسة القرآن الكريم مستعينا على فهمه بكتب اللغة وكتب التفسير المعتمدة عن السلف خاصة وعلى رأسها تفسير الطبري ودراسة السنة النبوية في كتبها الصحيحة وفي مقدمتها صحيحا البخاري ومسلم حيث وجد فيها ضالته المنشودة وطلبته المحببة.
ولازم فضيلة أستاذه هذا ملازمة الظل لصاحبه حيث قاما معا بحمل راية التوحيد والدعوة لاتباع الحق والعمل على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله في وسط مجتمع يعج بالشرك وعبادة الأضرحة ويشتغل بالخرافات والأوهام ويمتلئ بأصحاب الطرق الضالة والأهواء المنحرفة المضلة، وكان من الطبيعي أن يضطهدا ويحاربا شأن المجاهدين المصلحين في كل زمان ومكان إلا أنهما لم يهنا ولا يضعفا بل صبرا وصابرا حتى انتصرت دعوة الحق وأزهق الله الباطل على أيديهما.
ولقد عقدت بين دعوتهما دعوة التوحيد والحق التي صارت علما عليهما وبين المحاربين لها في شخصهما ندوات عديدة ومحاورات جمة حمي فيها وطيس الجدال والنقاش بين الفريقين، وكان النصر فيهما دائما للحق الذي يقوى بقوة أصحابه ويسمو بسمو المناضلة عنه.
ثم انفرد بقيادة أنصار السنة المحمدية بدمنهور وما حولها وحمل رايتها وعبء الذود عنها عقب رحيل أستاذه عنها إلى الإسكندرية أولا ثم منها إلى السعودية بعدها وذلك منذ أكثر من ثلاثين عاما مضت مواصلا السير على نفس الطريق يخطب ويجاهر ويعقد الندوات ويثير الحوارات والمناقشات وصولا إلى مبادئ الإسلام الحقة وبيانا لتعالميه الرشيدة وتنقية له من كل زائف أو دخيل، إذ يلاحق الباطل وترهاته ، أينما كان وحيثما حل ، سواء بخطبه أو محاضراته أو رسائله ونشراته قياما بما فرض الله على القادرين من ذلك ورجاء لثوابه ورضاه وحقق الله له رغبته ومبتغاه.
مؤلفاته :
للأستاذ موضوع هذا الكلام مؤلفات قيمة من كتب ورسائل ونشرات عديدة.
فمن كتبه :
1 ـ تفسير الجزء الأول من سورة البقرة على نطاق واسع كان يريد السير على نهجه في تفسير القرآن كله لكنه عدل عنه إلى الإيجاز غير المخل لما رأى من عزوف الناس عن المطولات وميلهم للمختصرات.
2 ـ تلخيصه لكتاب أستاذه الجامع لأبواب التوحيد والفقه والمسمى ( تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن الكريم مع الصحيحين) وذلك بإذن منه وتسميته له ( أحكام الفقه النبوي) حيث رتب أحكامه وفق أرقام مسلسلة كل كتاب على حدة مردفا كل حكم بأدلته سواء من القرآن أو السنة لتخف مذاكرته على قارئيه بل وحفظه على دارسيه غير أنه لسوء الحظ فقد منه مخطوطا بعد إتمامه له وإعداده إياه للطبع عن طريق بعض من ائتمنهم عليه من إخوانه المقربين إليه.
3 ـ تفسيره لسورة النور وطبعه لها مبينا ما تضمنته من آداب وأحكام بعد أن خطب بها الجمع قرابة العام.
4 ـ وأخيرا تفسيره هذا الموجز والمقرب لمعاني القرآن كله ، رغم إيجازه بما يشبه الإعجاز ، إلا في المواضع التي تحتاج إلى مزيد من الإيضاح والتبيان ، حيث يوفيها حقها من ذلك ، وسماه ( تأملات في قرآن الله وأوضاع الناس أو أسلوب جديد لعرض وتقريب مفاهيم القرآن المجيد ) وهو ما نقدم له بهذه الكلمة المتواضعة راجين له النفع وحسن القبول عند الله والناس.
ورسائله كثيرة منها :
1 ـ الأذكار والدعوات من أذكار النبي وأدعيته الصحيحة عنه في أعقاب الصلوات ومختلف الأوقات وقد اقتبسها عن كتاب شيخه الأشفية الرحمانية المأخوذ أصلا عن آيات القرآن وصحيحي البخاري ومسلم ثم ضم إليها مقالات وتوضيحات من تأليفه وتعليقه هو.
2 ـ الاجتهاد والتقليد دينا وشرعا وقد عالج فيها واجب على كل مسلم مكلف حيالها بما يستطيعه وبقدر علمه في نطاقهما.
3 ـ تحقيقات خلافية في كل من الكفر والشرك والنفاق وموضوعها على نحو ما يستفاد من تسميتها وعنوانها.
4 ـ من وحي القرآن الكريم وهدى السنة النبوية المطهرة عنوان عام لعشرات العشرات تحته ، منها أمنية النبي وقد بين فيها المراد من قول الله تعالى لنبيه محمد من سورة الحج ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ) الآيات بيانا شافيا لم يبق إليه إذ رمى فيه إلى المقصود منها من مكان قريب بعيدا عما حيك حولها من اللغو والهذر والحشو والتطويل.
5 ـ خير ما يستفاد من المواسم والأعياد ، وقد تكلم فيها ع المشروع والممنوع والمباح منها كلاما هاما وصريحا لا مرية فيه.
6 ـ الإسراء والمعراج وقد دافع فيها عن مذهب أهل السنة في فهمهم لتلك الرحلة دفاعا مجيدا.
7 ـ رمضان شهر الصوم والقرآن.
8 ـ محاولة جديدة لمعرفة أدق وأخفى معاني الشرك بالله والرياء الذي لا يغفره الله لأصحابه.
9ـ شرح حديث جبريل للإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها.
10ـ محبة الرسول عليه السلام ما بين المشروع منها والممنوع وغيرها في مجالها كثير كثير.
منهجه في التفسير :
يعتمد في فهمه لكتاب الله وتفسيره لآياته كما أسلفنا أول كلامنا عنه على اللغة العربية في مصادرها الأصلية وما صح من الأحاديث النبوية وما يثبت من الحقائق الدينية والعلمية كما يوضح المجمل والمتشابه من الآيات في ضوء المفصل والمحكم منها بعيدا كل البعد عن الحشو والإسرائيليات وما يتعارض مع أصول الدين وقواعده اليقينية وكذا الحقائق العلمية التجريبية.
هذا ، وأترك القارئ مع تفسير هذا الجزء الأخير والذي جاء ترتيبه في الطبع أولا للأسباب التي أشار إليها المؤلف في مقدمته تحت الاسم الذي اختاره عنوانا لكتابه وهو ( تأملات في قرآن الله وأوضاع الناس أو أسلوب جديد لعرض وتقريب مفاهيم القرآن المجيد ) والذي سيتلوه بإذن الله وعونه له طبع بقية أجزائه تباعا ومرتبة من أولها حتى نهايتها سائلا المولى جل وعلا أن ينفع به مطبوعا ومقروءا كما نفع به إلقاء وبيانا وتسجيلا في خطب الجمعة وغيرها من دروس ومحاضرات وندوات ومساجلات مؤلفه إن الله سميع مجيب.
ومن الله العون والتوفيق.
دمنهور الأحد 16 / 3 / 1980
الدكتور محمد جمعة عبد الله
المفتش الأول للعلوم الدينية
بالمعاهد الأزهرية
وعضو أنصار السنة المحمدية بدمنهور